شهد العالم تغيرا حضـريا كبيرا على مر العقود الأربعة الماضية، وقد سجل ذلك رقما قياسيا في عام 2008م حيث تم الإعلان بأن نصف سكان العالم تحولوا من سكان ريف الى سكان حضر، وتشير الإحصاءات إلى أنه في عام 1950م بلغ عدد سكان المراكز الحضـرية 745 مليونا، ثم قفز في عام 2000م ليصل لحوالي 2,9 مليار، ومن المتوقع أن يصل عام 2050م رقما مهولا يبلغ 6.3 مليار، كذلك يشير تقرير الأمم المتحدة لعام 2013م بأن أكثر من 9% من النمو الحضـري العالمي يجري الآن في أفريقيا، آسيا، المحيط الهادئ، أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ويحقق هذا النمو إضافة لسكان المراكز الحضـرية تقدر بحوالي 70 مليون نسمة سنويا.
وفي هذا السياق يذكر المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشـرية (الموئل) أنه “في ضوء تزايد معدلات التحضـر في العالم من الناحية العددية، فثمة ضرورة هنا لكي تعمل الحكومات على تقبّل عمليات التحضـر باعتبارها ظاهرة إيجابية وباعتبارها أيضاً وسيلة فعالة لتحسين فرص الحصول على الخدمات، إلى جانب تحسين مستوى توفر كلاً من الفرص الاجتماعية والاقتصادية، كما يمكن لنظم التخطيط الحضري أن تكون ذات دور أكثر فعالية كنتيجة لهذا التوجه السياسي، إلا أنه يتعين على الدول العمل على إعداد الاستراتيجيات الحضرية الوطنية الشاملة”.
لم تكن المنطقة العربية بمعزل عن هذه التغيرات التي شهدها العالم، بل كان لها نصيبا يعد الأوفر، حيث إنه في عام 2013م وصل عدد سكان هذه الدول حوالي 357 مليونا، ونسبة من يعيشون في مراكز حضـرية منهم بلغت 56% ، ومن المتوقع أن يصلون عام 2050م الى حوالي 68%، وتشير الدراسات إلى أن نشوء معظم عمليات النمو الحضـري تم تسجيلها في المناطق المحيطة بالمدن الرئيسية للدول العربية، وذلك على الرغم من تسجيل المدن المتوسطة أو الثانوية لأسرع معدلات النمو.
على الصعيد الإقليمي، تأتي دول الخليج العربية كواحدة من أكثر مناطق العالم تحضـرا حيث تبلغ نسبة سكان المراكز الحضـرية أكثر من 80%، وتتميز كذلك بوجود خطط تنموية لإدارة النمو الحضري، ويتركز النمو الحضري في المدن المتوسطة المنظمة التي تقع على محاور النقل الرئيسية والمخدومة ببنى تحتية جيدة، وقد ساهم النفط في هذه التنمية الحضـرية الكبرى لهذه الدول وجعلها تنتقل في زمن قياسي من دول ريفية الى دول حضرية.
كذلك فإن المملكة العربية السعودية مرت بتحول سريع صوب التحضـر، نتيجة لتوحيد المملكة وتثبيت أركانها، وإنشاء الهجر، وكذلك اكتشاف البترول وبناء مدن البترول، والتطور المؤسساتي للدولة ونشر التنمية، حيث تشير الدراسات التي قام بها باحثون سعوديون الى أنه في عام 1940م لم يمثل سكان المراكز الحضرية أكثر من 15% بعدد مراكز حضـرية لا يتجاوز عشـرة مراكز أكبرها حجما مدينة مكة المكرمة، في حين أنه في عام 1970م بلغت نسبة سكان الحضـر 48,7% بعدد مراكز حضرية وصل الى 93 مركزا، ثم 77,3% عام 1992م، لتصل عام 2000م الى 80%، وحسب التعداد الأخير لعام 2010م فإن عدد المراكز الحضـرية قفز ليصل الى 245 مركزا حضـريا، منها أربعة مراكز مليونية (بلغ تعداد سكانها أكثر من مليون نسمة)، أربعة مراكز تعداد سكانها أكثر من 500 ألف نسمة، و كذلك 19 مركزا حضـريا بلغ تعداد سكانها أكثر من 100 ألف نسمة.
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
هذا المقال يأتيكم من
مخططون عمرانيون ..
فريق من المخططين العمرانيين انطلقوا في سنة 2020 , فريق توعوي يفتح آفاقاً من المعرفة والتجربة محورها التخطيط العمراني وفضاءات المدن ومراكز العمران