يعتبر التراث العمراني من ثقافة وهوية المدن والمجتمعات، وهو مفهوم يتضمن العناصر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والعمرانية.
ويمكن أن نعرف مفهوم التراث العمراني بأنه (الجانب المادي من التراث الحضاري، ويمثل ذاكرة الأمة بكل ما فيها من أحداث تمت على مر التاريخ، وتأثرت بالظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية، ويعكس عمق التفاعل الإيجابي للإنسان مع البيئة المحيطة). (دليل المحافظة على التراث العمراني، ١٤٢٦ه. وزارة الشؤون البلدية والقروية).
ولما يستلزمه التراث العمراني من اتخاذ نهج وأساليب إعادة تأهيل وتطوير وتنشيط مواقعه والحفاظ على النسيج العمراني Urban Preservation والصفات الأساسية للمناطق التاريخية والحضارية وكيفية توظيف عناصرها وتفاعل الإنسان معها.
ونظراً لما تشهده المملكة العربية السعودية من اهتمام واضح في التراث العمراني الوطني والذي يعد جزء أساسي من هويتنا وثقافتنا وضرورة تعزيز الوعي بأهمية التراث وقيمته، وحيث يعد الدور الثقافي الحيوي للتراث العمراني والحضري أكثر أهمية من أي وقت مضى، كونه ماضي سبقنا وحاضر نعيشه ومستقبل للأجياال القادمة.
وفي ضوء الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة ٢٠٣٠ يأتي الهدف العام “تعزيز القيم الإسلامية وتعزيز الهوية الوطنية” والهدف التفصيلي “المحافظة على تراث المملكة الإسلامي والعربي والوطني والتعريف به”.
ويسعى الُبعد الثامن في برنامج التحول الوطني ٢٠٢٠ (تطوير القطاع السياحي والتراث الوطني) إلى تسويق المملكة العربية السعودية كوجهة سياحية إقليمًيا وعالمًيا من خلال تطوير بنية تحتية متقدمة وإعداد الأنظمة والتشريعات اللازمة، وبناء القدرات المؤسسية، مما يسهم في خلق فرص وظيفية متنوعة وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد العام للمملكة.
كما يُعنى البعد بالتراث الإسلامي والعربي والوطني من خلال إحيائه والمحافظة عليه والتعريف به وتصنيفه وتسجيله ضمن قائمة المواقع التراثية المعترف بها عالمًيا. وتظهر أهمية التراث العمراني والمحافظة عليه كمورد اقتصادي وسياحي وأساس لتنمية المجتمع المحلي والمحافظة على الثقافة المحلية والهوية العمرانية.
أتت الرؤية الطموحة لترسخ وتعزز مفهوم الحفاظ على التراث العمراني ونقله للأجيال القادمة، وتشجيع الاستثمار فيه من مشروعات إعادة تأهيل وتجديد وتطوير مواقع التراث الوطني. وتفعيل دور واقتراح خطط واستراتيجيات وتشريعات التراث المستدام وكيفية الحفاظ عليه وعرض مستوياته وتوثيقه ودراسة التطور التاريخي له. ومن أهم المبادرات في هذا المجال: “برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة”.
وبذلك فإن الرؤية المستقبلية في دور التنمية الحضرية المستدامة للتراث العمراني في المملكة رؤية متفائلة وتساهم في أن تجعل التراث العمراني يربط ماضينا بحاضرنا ومستقبلنا.